كنت قد تحدثت سابقا عن جهود فريق الحجب التونسي للنيل بلقب أكبر مستبد و كيف أنه لا يزال بعيدا وراء دول كسوريا و إيران، ففي بلدنا العزيز، نعلم أن المؤلفين غير محكوم عليهم بالصمت و لكن بوضع حدود لممارستهم لحرية التعبير. لكن كيف على الإبداع أن يواجه الصنصرة؟ و هل أن الحجب يعيق فعلا المبدعين أم يشجعهم على تجاوز الممنوعات؟
يجب الإعتراف أولا أن الصنصرة تختلف اليوم عما كانت عليه و أن الحجب التونسي ليس أعمى كنظيره الكوبي مثلا، بل أن عماده الحدود التي يضعها المثقفون و الفنانون لأنفسهم. بحيث يمكنك كتابة ما تشاء في إطار معين، و إذا لم تذكر المواضيع الحساسة (كالعائلة الحاكمة مثلا) فإنك تتمتع بفضاء حر للكلام دون أي تدخل للسلطة. و إذا ينتج المثقف عملا جديا و رفيعا لا يحمل أي بعد سياسي فإنه لا يواجه أية صعوبات في نشر كتاباته بل بالعكس يشكر و يشجع. و لكن ألا يعتبر هذا "الحجب الذاتي" للحرية أخطر بكثير من حجب السلطة نفسها؟
الحل الوحيد لممارسة حرية التعبير دون صدام مع السلطة هو استعارة الطرق الملتوية و الإبتعاد عن الإتهامات الجافة، و لعل الفكاهة و السخرية يمثلان الطريقة الأذكى للتحيل على الجهاز الأمني. فمثلا بتغيير الإطار التاريخي لأحداث معينة، يمكن نقدها بسهولة أكبر مثل ما فعل مونتسكيو في "الرسائل الفارسية" أين انتقد المجتمع الفرنسي عبر أعين فارسي يراسل صديقه و يروي له ما يرى في باريس. و كما يقول المثل الصيني "الإشارة إلى السحب للحديث عن القمر" يمكن للمبدعين التونسيين أن يستعملوا فضاء الحريات المتوفر في الحاضر، و جعل المتلقي يقرأ بين الأسطر لمواصلة التفكير... فمثلا فالصين، ينتقد الكاتب يان ليان كا في كتابه "في خدمة الشعب" الجيش الصيني عبر قصة زوجة كولونيل تقع في حب بستاني العائلة، أي أن النقد يتم بـ"فيناس" تنقصنا في تونس. كما نلاحظ أن الوضعية التونسية تشبه السنوات الأخيرة للإتحاد السوفياتي، حيث أن السلطة تركت المراقبة الكلية لمراقبة "ما يجب مراقبته".. و لكن هل هذه الحرية النسبية تعني الصمت على مطلب الحرية الحقيقية الغير مقيدة؟ بالطبع لا.. فرغم أن تكتيك المقاومة "الفينو" يعتبر أفضل طريقة للنقد، فإن الإحتجاج الصارم و المعارضة الجدية لها مكانها فالسكوت عن الحرية غير معقول و غير ممكن أساسا لإنسان واع بإنسانيته. لهذا يمكننا القول، نحن المدونون، أن المداولة بين البارد و السخون، هي نقطة قوتنا و عمادنا لكسر شوكة عمار المحنون
يجب الإعتراف أولا أن الصنصرة تختلف اليوم عما كانت عليه و أن الحجب التونسي ليس أعمى كنظيره الكوبي مثلا، بل أن عماده الحدود التي يضعها المثقفون و الفنانون لأنفسهم. بحيث يمكنك كتابة ما تشاء في إطار معين، و إذا لم تذكر المواضيع الحساسة (كالعائلة الحاكمة مثلا) فإنك تتمتع بفضاء حر للكلام دون أي تدخل للسلطة. و إذا ينتج المثقف عملا جديا و رفيعا لا يحمل أي بعد سياسي فإنه لا يواجه أية صعوبات في نشر كتاباته بل بالعكس يشكر و يشجع. و لكن ألا يعتبر هذا "الحجب الذاتي" للحرية أخطر بكثير من حجب السلطة نفسها؟
الحل الوحيد لممارسة حرية التعبير دون صدام مع السلطة هو استعارة الطرق الملتوية و الإبتعاد عن الإتهامات الجافة، و لعل الفكاهة و السخرية يمثلان الطريقة الأذكى للتحيل على الجهاز الأمني. فمثلا بتغيير الإطار التاريخي لأحداث معينة، يمكن نقدها بسهولة أكبر مثل ما فعل مونتسكيو في "الرسائل الفارسية" أين انتقد المجتمع الفرنسي عبر أعين فارسي يراسل صديقه و يروي له ما يرى في باريس. و كما يقول المثل الصيني "الإشارة إلى السحب للحديث عن القمر" يمكن للمبدعين التونسيين أن يستعملوا فضاء الحريات المتوفر في الحاضر، و جعل المتلقي يقرأ بين الأسطر لمواصلة التفكير... فمثلا فالصين، ينتقد الكاتب يان ليان كا في كتابه "في خدمة الشعب" الجيش الصيني عبر قصة زوجة كولونيل تقع في حب بستاني العائلة، أي أن النقد يتم بـ"فيناس" تنقصنا في تونس. كما نلاحظ أن الوضعية التونسية تشبه السنوات الأخيرة للإتحاد السوفياتي، حيث أن السلطة تركت المراقبة الكلية لمراقبة "ما يجب مراقبته".. و لكن هل هذه الحرية النسبية تعني الصمت على مطلب الحرية الحقيقية الغير مقيدة؟ بالطبع لا.. فرغم أن تكتيك المقاومة "الفينو" يعتبر أفضل طريقة للنقد، فإن الإحتجاج الصارم و المعارضة الجدية لها مكانها فالسكوت عن الحرية غير معقول و غير ممكن أساسا لإنسان واع بإنسانيته. لهذا يمكننا القول، نحن المدونون، أن المداولة بين البارد و السخون، هي نقطة قوتنا و عمادنا لكسر شوكة عمار المحنون
هناك 3 تعليقات:
العياش... أسلوب البارد و السخون هو بالضبط أسلوب البلوقوسفير التونسي... و هو فعلا الأسلوب المناسب بشكل عام في الظرفية الراهنة....
أما عندي ملاحظة جانبية حول حركة النشر في تونس و مقارنتها بسوريا و إيران... يظهرلي الانطباع متاعك مش متناسب مع الوقائع... بالعكس حركة النشر في الزوز بلدان هذومكة أكثر انفتاح... مثلا بعض الكتب التونسية (باختلاف اهتماماتها و درجات نقدها) تلقى حظوظ النشر في سوريا (وين فمة حركة نشر مزدهرة) أكثر من تونس... حركة النشر في الصحف في إيران متنوعة برشة و فمة مجال واسع ممكن نتفاجؤؤ بيه كي مانتبعوش الصحف الإيرانية و نقراو عليها من البعيد...
طبعا هذا مايعنيش إلي الصنصرة في البلدان هذية مش ضاربة مسد...
أحسن مثال لرميان المعنى في تونس هو بالتأكيد برنامج بالمكشوف
@طارق الكحلاوي:
يظهرلي عيّاش كان يحكي فقط على الحجب في تونس موش حركة النشر وقتلي قارنها بسوريا و إيران
صحيح يا ويروولف كنت أتحدث عن الحجب بصفة عامة، لكن طارق مشكور خاتر ماكانش فيبالي بانفتاح النشر في سوريا و إيران..
إرسال تعليق