الأحد، 22 جوان 2008

المدونات الالكترونية: تجربة في طور البناء تعاني من شدة الرقابة










كانت الحرب على العراق سببا من أسباب ذيوع صيت المدونات وانتشارها. وظهرت في عام 2002 مدونات مؤيدة للحرب من أشهرها إنستابوندت و في عام 2003 ظهرت المدونات كوسيلة للعديد من الأشخاص المناوئين للحرب في الغرب للتعبير عن مواقفهم السياسية و منهم مشاهير السياسة الأمريكية من أمثال هوارد دين، كما غطتها مجلات شهيرة كمجلة فوربس في مقالات لها. من ناحية أخرى ظهرت مدونات يكتبها عراقيون، بعضهم يعيشون في العراق ويكتبون عن حياتهم في الأيام الأخيرة لنظام صدام حسين. وأثناء الاجتياح الأمريكي اكتسبت بعض هذه المدونات شهرة واسعة و عُدَّ قراؤها بالملايين، و طبع أحدها و: هو أين رائد؟ (Where is Raed؟) المكتوب في غالبيته العظمى بالإنجليزية في كتاب، و ظهرت أخريات يكتبها جنود غربيون في العراق مما شكل مفهوما حديثا لدور المراسل الحربي. و في عام 2004 أصبحت المدونة ظاهرة عامة بانضمام العديد من مستخدمي شبكة الانترنت إلى صفوف المدونين و قراءها، كما تناولتها الدوريات الصحفية.
وأصبحت المدونة بمرور الوقت نوعا من أنواع الإبداع الأدبي المتعارف عليه، تنظم له دور النشر والصحف - في إصداراتها الرقمية - المسابقات لاختيار أفضلها من حيث الأسلوب، والتصميم، واختيار الموضوعات. وبينت الإحصائيات أن الذين يستخدمون شبكة
الانترنت في العالم العربي مثلا هم في الحقيقة أقلية لا يتجاوز عددهم 7 في المائة من عدد السكان بمصر، و35 في المائة بقطر، و27 في المائة بالإمارات.
ومن حوالي أكثر من 347 مليون
عربي، نجد 32 مليونا منهم فقط يدخلون على شبكة الانترنت، أي 3 في المائة. ولكن هذا الضعف في الحجم لم يقف في وجه توسع وقع وصدى المدونات العربية، حيث حاز جزء كبير منها على اهتمام الرأي العام المحلي والدولي. واستطاعت بمرور الزمن افتكاك مشعل الريادة الإعلامية، آخذة بعين الاعتبار الهامش الكبير الذي حققته في حرية الكلمة من جهة، والمضمون الثري الذي تقدمه بعض المدونات من جهة ثانية.
وخلال السنوات الماضية، تعمق أثر المدونات في عدد من الدول العربية. وتمكن المدونون من كسر حاجز التعتيم المفروض من قبل الأجهزة الرسمية، وساهم في رفع سقف حرية التعبير إلى مستويات عليا، مما أثار غضب عدد من الحكومات التي لم تجد خيارا للتقليل من حدة هذه الظاهرة سوى الزج بعدد من المدونين في السجن، وبغلق المدونات التي من شأنها أن تحيد عن الخطاب الرسمي.
هذا التعسف لم يقف البتة في وجه بعض المدونين الذين أحسنوا الاستفادة مما توفره شبكة المعلوماتية من خدمات. وفي هذا العدد نشير إلى عدد من المدونات المصرية نقلت بالكلمة والصوت والصورة حوادث التعذيب في السجون، وعمليات تزوير الانتخابات، والاعتداءات على المتظاهرين في الشوارع. بينما عرضت صفحات المدونات السعودية انتهاكات جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحقوق المواطنين السعوديين، إلى غير ذلك من الأمثلة التي تبرهن لا محالة عن قدرات غير محدودة توفرها المدونات أمام جميع الأشخاص دون استثناء.
في المقابل نجد أن اهتمام التونسيين بالمدونات ظل محتشما بدرجة كبيرة، بالرغم من الطفرة التي عرفتها عملية بعث المدونات خلال الأشهر القليلة الماضية. والأكيد أن انعدام إحصائيات دقيقة حول عدد المدونات التونسية وأهم مجالات اهتمامها يقلص من القدرة على معرفة جدواها ومردوديتها، إلا أن ما يمكن استخلاصه بمجرد نظرة عامة وشاملة هو غلبة الطابع الشخصي في مضمونها؛ أي أن أصحابها يفضلون أساسا نشر كتاباتهم الانطباعية أو عرض الصور التي يلتقطونها من الحياة لا غير. وظل الرهان النضالي والكفاحي محدود للغاية. إذ تكاد تنعدم مدونات لأشخاص يدافعون عن مشاكل معينة ومفصلة، أو مدونات للتحسيس بقضية تونسية مهما كانت طبيعتها. ويمكن القول أن يحول دون انتشار المدونات التونسية إلى صرامة الرقابة التي تحجب المواقع الالكترونية لمجرد تضمنها لنصوص أو صور ذات نبرة نقدية تجاه السلطان السياسي أو الاجتماعي أو الديني.
إلا أن ما يلفت الانتباه، أن بعض المحاولات الجريئة والنوعية اتخذت مسارا خاصا بها في عالم المدونات، واستطاعت أن تلفت انتباه عدد كبير من المهتمين، وهو ما يثبته ارتفاع عدد التعليقات على النصوص الواردة في تلك المدونات. "الطريق الجديد" اتصلت بعدد من المدونين التونسيين لتكتشف تجربتهم، وتطلع على رحلتهم داخل العالم "الافتراضي".


تعريف المدونة
مدونة: هي تعريب كلمة blog
الإنجليزية التي هي جمع لكلمتي web log بمعنى سجل الشبكة. المدونة تطبيق من تطبيقات شبكة الانترنت، وهو في أبسط صوره عبارة عن صفحة واب على شبكة الانترنت تظهر عليها تدوينات (مدخلات) مؤرخة ومرتبة ترتيبا زمنيا تصاعديا ينشر منها عدد محدد يتحكم فيه مدير أو ناشر المدونة.
هذه الآلية للنشر على الواب تعزل المستخدم عن التعقيدات
التقنية المرتبطة عادة بهذا الوسيط، أي الإنترنت، و تتيح لكل شخص أن ينشر كتابته بسهولة بالغة. يتيح موفرو خدمة عديدون آليات أشبه تتيح لأي شخص أن يحتفظ بمدونة ينشر من خلالها ما يريد بمجرد ملء نماذج وضغط أزرار، وكما يتيحون أيضا خصائص مكملة.
وينظر إلى التدوين باعتباره وسيلة النشر للعامة والتي أدت إلى زيادة دور الشبكة العالمية باعتبارها وسيلة للتعبير و التواصل أكثر من أي وقت مضى، وبالإضافة إلى كونه وسيلة للنشر والدعاية والترويج للمشروعات و الحملات المختلفة.
والموضوعات التي يتناولها الناشرون في مدوناتهم تتراوح ما بين اليوميات، والخواطر، والتعبير المسترسل عن الأفكار، والإنتاج الأدبي، ونشر الأخبار والموضوعات المتخصصة في مجال التقنية
والإنترنت نفسها. وفي حين يخصص بعض المدونين مدوناتهم للكتابة في موضوع واحد، يوجد آخرون يتناولون موضوعات شتى في ما يكتبون. كذلك توجد مدونات تقتصر على شخص واحد، وأخرى جماعية يشارك فيها العديد من الكتاب، ومدونات تعتمد أساسا على الصور photoblog والتعليق عليها. كما انتشرت مؤخرا مدونات الفيديو Videoblogs على شبكة الانترنت، وهي قائمة أساسا على نشر المحتوى التدويني بالصوت والصورة مسجلا على فيديو. وأهم المواقع التي توفر خدمة المدونات نذكر: www.blogspot.com ، http://wordpress.com ، www.maktoobblog.com ، http://blogger.com

المدون علي سعيدان صاحب مدونة:
http://khilwelil.blogspot.com/
"لم نتخلص من الرقابة الذاتية"

لماذا اخترتم بعث هذا الموقع الالكتروني للتعبير عن آرائكم؟
ما من شك أن التعامل اليوم مع المواقع الالكترونية على الشبكة أصبح يشكل متنفسا هائلا للتعبير فما بالك بحرية التعبير هذا من ناحية ، إضافة لما يعطيه النفاذ أخذا وعطاء لقراء ومحاورين من كل أنحاء العالم، و بالتالي فإن فكرة بعث موقع تبدو بديهية لما فيها من السهولة والبساطة وانعدام التراخيص وما إلى ذلك من المعوقات التقليدية التي يواجهها أي فرد يشعر بأن لديه من الأفكار و المواد و المواضيع التي تستحق النشر كما يستأنس في نفسه القدرة على تبليغها وطرحها لعموم القراء للتحاور معهم في شأنها. ولا يخفى عليكم ما يهيمن على الساحة من التقاليد المكبلة للأفكار والتعبير منذ عقود، الشيء الذي قلص بشكل كبير من مساحة الإعلام مقارنة بعقود ما قبل الاستقلال، لدرجة استبطان الكثير منا الرقابة والرقابة الذاتية واعتبارها معطى "طبيعي". وهذا أدى إلى اللجوء لما تحول في بلداننا إلى مؤسسة إعلامية موازية وأقصد هنا حديث المقاهي والحلقات المغلقة.
وليس من اليسير التحول لهذا الأفق الافتراضي بكل سهولة، من حالة انسداد المجالات للتعبير والكتابة، فضلا على تردِّي أوضاع النشر والتوزيع وتراجع تقاليد الفضول الفكري والتعطش للمعرفة مهما كانت بسيطة ويومية، لدرجة أنه أصبحنا في أغلبنا مستهلكين غير واعيين بالكم الهائل من المعلومات عن طريق الفضائيات والصحف الضحلة دون أن تكون لنا رؤية النقدية أو قدرة على إبداء رأي مخالف أو مناقض يثبت وجودنا كمواطنين لنا من العقل والرأي ما يخول لنا التعامل مع هذه المعلومات بحد أدنى من منظومة المناعة الفكرية.
هل استطعتم أن تنشروا أفكاركم بالشكل الذي تتمنوه؟
قطعا نعم، كإجابة أولية، غير أنه بصورة واعية وخاصة لا واعية يبقى لدينا كلنا مكبلات وكوابح لا نتحكم فيها من بقايا الرقابة الذاتية التي مهما ادعينا التخلص منها لكنها أكيد ما زالت تفعل مفعولها في عملية الكتابة منذ اختيار الموضوع وصولا للطريقة المتبعة في التعبير عنه. و مهما غالبنا هذه الكوابح والملجمات اللاواعية ستضل تحاصرنا لعديد الاعتبارات منها الأخلاقية و السياسية و الاجتماعية التي تصنف لنا في أدمغتنا مجموعات كثيرة من المواضيع الممنوعة أو لنقل تابو يبقى التطرق إليها حتى من باب اللاوعي مؤجلا أو مهملا. مهما يكن لا أعتقد أني شعرت في يوم من الأيام بأني مُحدد الحرية في معالجة المواضيع والأفكار التي تطرقت إليها، ربما كان في البداية نوعا من التخوف الأخلاقي من تجاوز بعض الحدود ولكنه تخوف شخصي من نوع أن يطّلع بناتي أو أبنائي على ما أكتب، غير أنني سرعان ما تجاوزت هذا الشعور ليقيني أن عالم الأنترنات الذي سمحت لهم بالدخول إليه ملغوم بأشياء أفضع بكثير مما أكتب أحيانا، واقتنعت أن في اكتشاف أبنائي لهذا الجانب عبر ما أكتب يغنيني عن مواجهة نقاشات لست قادرا عن تحملها.
المدونة نادية من تونس صاحبة مدونة: http://metallicnaddou.blogspot.com/
"حجب مستمر"
نادية فتاة تونسية في مقتبل العمر اقتحمت مجال الكتابة الالكترونية، وأطلقت لنفسها العنان لتناول قضايا مرتبطة بالمسألة الدينية واحترام حقوق الإنسان وحقوق الأقليات. قالت بأنها أنشأت موقعها الخاص لكي تتمكن من نشر ملاحظاتها وآرائها عن المجتمع التونسي، وحول الأحداث الوطنية والدولية. إضافة إلى نقد طرق وأساليب التغطية الإعلامية التي تنجزها مختلف وسائل الإعلام حول الأحداث السياسية والاجتماعية في تونس.
وأوضحت "في بعض الأحيان، أنشر عددا من المواضيع الخاصة بي، إلا إني أركز على إشكاليات نطاقها أوسع، وأتبادل حول مضمونا مع بقية المدونين". وأضافت بأنه تنعدم الحدود من خلال المدونات أمام القدرة على نشر الآراء والمواقف بشكل حر، من دون أن يكون الفرد منضو في تنظيم أو تابع لنظام ما.
وحول الرقابة التي تسلطها شرطة الانترنت، أكدت نادية أن المدونات التونسية تتعرض دائما للحجب عند تجاوز بعض الخطوط الحمر. وحثت المدونين، من أجل تجاوز هذا الحاجز إلى أخذ الاحتياطات بالقول: "يمكن أن نتحدث عن أي موضوع نريده شريطة أن نكون حذرين في صياغته، وأن نتفادى أي نوع من التصادم".


خيل و ليل:
http://khilwelil.blogspot.com
"خارج التفكير السياسي والالتزام الإيديولوجي"

فتحي بلحاج يحيي

ظاهرة المدينة وثقافة المدينة طغت بشكل كبير على الإنتاج الثقافي التّونسي. وربّما تونس هي من أكثر البلدان العربية تمدُّنًا بالمعنى السوسيولوجي للكلمة إذ أصبح سكّان المدن (الحضريون كما تقول الكتب المدرسية في الجغرافيا) أرفع نسبة من الريفيين. وهو ما يطرح إشكالا كبيرا في معرفة من المنتصر : الرّيف أو المدينة ؟ وهل أنّ المدينة ابتلعت (أنثروبولوجيا) الرّيف أم أنّ هذا الأخير قد ريّف المدينة في ما يشبه انتقام المغلوب من الغالب ؟ أم أن القضية تتجاوز الاثنين معا لتأخذ بعدها في اقتحامنا الحداثة بأدوات معرفية وطرق إجبارية وقرارات فوقية لم تفسح المجال للذّهنية العامّة محاورة نفسها وخوض معاركها المشروعة، فكنّا كمن وجد نفسه أمام طريق شائكة فاستبدل "البلغة" بالحذاء ليتيسّر له السير فإذا بـ "الصبّاط يضربه" وتضطرب مشيته، فلا هو يستطيع نزع الحذاء ولا العودة إلى البلغة كحلّ أفضل.
أنا لست مغرما بتاتا بالوقوف على الأطلال، وأخاف كثيرا من المصطلحات الفضفاضة من نوع "الأصالة" و"الهويّة"، ولا أميل إلى زيارة المقابر للتظلم إلى الأجداد عمّا فعله أحفادهم. فالتّراث لا يعنيني إلاّ بقدر معرفة الطريق التي فيها نسير إلى الأمام، فيصعب على المرء أن يتقدّم ووجهه ملتفت إلى الوراء. لكنّ الوراء يعنيني كمخزون لغوي وكمفاتيح لفكّ الرّموز وإدراكٍ لنشوء الأشياء والعقليات فينا، وإطلالة عن كيفيّة تعامل سابقينا مع أهواء الحياة، ومعرفة لشروط ولادة التّمثّلات الذّهنية والدينية التي تقيّد خطانا اليوم، وتقسم ظهورنا بثقلها ووزرها.
مدوّنة "خيل وليل" فضاء شاعريّ وأدبي وفكري رحب يدوّن فيه صاحبه ملزوماته الشّعرية، ويحافظ على شيء أعتبره بالغ الأهميّة : كيف نصوغ من ألفاظ قاموسنا التونسي الحلو تعبيراتنا عن ذواتنا ومشاعرنا وإنسانيتنا خارج القوالب المجترّة للّغة الفصحى. وهو أيضا فضاء حوار وتبادل للآراء بين مواطنين لا يعرفون بعضهم بالضرورة ولا يجمعهم سوى صدق الكلمة وعفوية التعبير، فلا هم سياسيون يقرؤون تبعات تصريحاتهم ويخضعون لمنطق الموازنة ومتطلبات الظّرف ومخاطر التوظيف السياسي، ولا هم متحزّبون مطالبون بالتّحرّي في أقوال لهم تلزم بالضّرورة رفاقهم من ورائهم.
هذا الشّكل الجديد من التّعبير الذي غالبا ما يتطرّق إلى نفس المشاغل التي يحملها المناضلون السياسيون، يعبّر عن هويّة جديدة في فهم بناء المواطنة خارج قيود ضغط السّلطة وخارج ما تمليه أحيانا حرب الخنادق ضدّ النّظام الحاكم أي بمعنى آخر فإنّ جانب حريّة التّفكير وبناء الهويّة الفكرية الذاتية يتمّ خارج شروط الخضوع لمنطق التفكير السياسي والالتزام الإيديولوجي.
ربّما قادني الحديث عن مدوّنة "خيل وليل" إلى أشياء، وإن نستشفّها بالقوّة في هذه المدوّنة، فهي لا تغطّي بالضّرورة كامل مساحة اهتماماتها لما فيها من تنوّع وثراء ومداخلات متضاربة أحيانا، ودراسات قيّمة، ومجادلات، وملفّات...
ولأنّي سياسي شبه مدمن، وحكايتي مع السياسة مثل حكايتي مع التّدخين، فقد اخترت نموذجا يضرب عصفورين بحجر : مقال يعطي فكرة أولية عن روح المدوّنة، وفي نفس الوقت يبدي ملاحظات عن حدث سياسي فكري كنت بودّي أن أبدي البعض منها، فسبقني إليها صاحب المدوّنة، وهو صديق أحبّه كثيرا.





هناك تعليق واحد:

الحلاج الكافي يقول...

الفكرة جيّدة في التعريف بالبلوقسفار في العالم او في تونس وبأبرز ناشطي البلوقات لكن هل ممكن انشاء نص تفسيري والكيفية الفنية لإنشـــــاء وخاصة نـــشـــر العناوين والمداخلات في منتديات البلوقات كتن بلقز و تينيبلوق وفيسبوك وماي بلوق لأن الكثير من الأصدقاء لا يجيدون تقنية التعريف والنشر بمحتوى البلوق وهكذا تكون الفائدة أشمل وأكثر ...وشكرا