الخميس، 7 أوت 2008

في مواجهة حملة حجب واسعة المدونات التونسية تطلق حملة من أجل حرية التعبير


محسن المزليني
أطلقت مجموعة من المدونات التونسية منذ فاتح جويلية حملة ضدّ الحجب ومن أجل حرية التعبير. وتأتي هذه الحملة في ظلّ ما تتعرّض له عديد المواقع والمدونات من حجب اعتبره بعض المراقبين تطبيقا لسياسة واضحة المعالم تهدف إلى الاستماتة في منع هذا الفضاء الافتراضي من التشكّل خاصّة وأنّه لا يخضع عادة للخطوط "الحمر" (خطّ التحرير) و"الينبغيات" أو التعليمات التي تفرض على بقية وسائل الإعلام سواء من السلطة أو حتى من هيئة تحرير الوسيلة الإعلامية... غير أنّ الإجابة السريعة كان حجب الموقع المشترك الذي أطلقه المدونون وسمّوه مدونة "ضدّ الحجب"، وكأنّ الشعار "وداوها بالتي كانت هي الداء" صار سياسة وأسلوب عمل "الوكالة الوطنية للانترنت" وهي الوكالة المختصّة في مراقبة الفضاء الافتراضي.
واتسمت هذه الحملة بالتنوع والتعدد، ففي الوقت الذي ركّزت بعض المدونات على الرسم الكاريكاتوي مثلما كان الشأن مع أحد المدونين الذي رسم صورة كاريكاتورية لـ"عمار" وهو شخصية افتراضية تحيل على منفذ "تعليمات" الرقيب، وهو يقوم بعمله الذي "يأكل به الخبز"... فيما كتب مدون آخر نصّا مسرحيا يُظهر بساطة هذا الـ"عمار" وهو يعيش لحظات الكابوس مع "المقصّ" حتى وهو في نومه.... أمّا بعض المدونات الأخرى فاختارت إمّا الإلتجاء إلى النصوص الأدبية التي تتحدث عن المنع وتتشوق إلى الحرية، أو اختيار شخصيات من ذاكرة التلفزة التونسية (شخصية هناني مثلا) لمسرحة فعل الرقابة وللتعبير عن رفض هذه الممارسة.
وتعليقا على هذه الحملة اعتبر المنجي الخضراوي، عضو الهيئة الوطنية للصحافيين التونسيين أنّ ممارسة التدوين أمر إيجابي في كل الأحوال لأنّ كلّ مدوّن يعبّر عن رأيه الحرّ بعيدا عن أيّ ضغط، ورغم أنّه لا يمكن لنا الإدعاء بأنّ كل عملية تدوينية هي عمل صحفي يتوفّر على المقومات الموضوعية للعمل الصحفي وذلك لتعدد خلفيات المدونين ومستوياتهم وأغراضهم من التدوين، لكن ما هو متأكّد أنّ هذا الفعل يساهم في إثراء ثقافة الاختلاف وإبداء الرأي. وعن التدوينة من أجل حرية التعبير أشار الخضراوي إلى أنّ أيّ مساهمة في هذا الإطار تبقى جهدا مشكورا، لكنّ الانتهاكات ليست خاصّة بقطر دون آخر، فعملية الرقابة على الشبكة العنكبوتية باتت سلوكا عالميا لذلك يجب الدعوة إلى يوم عالمي من أجل حرية التعبير خاصّة وأنّه أحد الركائز الأساسية في المواثيق الدولية.

ويأتي هذا اليوم من أجل حرية التعبير في ظل حملة واسعة على المواقع والبريد الألكتروني لمعظم النشطاء السياسيين والحقوقيين. والأمثلة على ذلك متعددة منها تدمير موقع الدكتور منصف المرزوقي وقصف موقع نواة، إضافة إلى البريد الالكتروني للجمعيات والمنظمات الحقوقية والشخصيات السياسية والمعارضة. وقد دأبت الرقابة الالكترونية على حجب المواقع الإخبارية "الخارجة على الخطّ" مثل نواة، تونس نيوز، ديلي موشن، يوتيوب، العربية نت، الفجر نيوز، الحوار نت، إضافة إلى مواقع الأحزاب غير المرخص وحتى مواقع بعض الأحزاب المعترف بها مثل الحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل من أجل العمل والحريات...
وفي هذا السياق يشير معز بن غربية، مدون وأحد محرري "نواة" إلى حجب موقعهم الإخباري بعد شهر تقريبًا من إطلاقه في أبريل سنة 2004. ويقول بن غربية "المشكل في سياسة الحجب في تونس أنها غير شفافة فالطرف المسؤول عن الحجب غير معلن عنه، مما جعل الحجب والرقابة واقعًا معاشًا يشوه المشهد الإعلامي التونسي... وحتى الوكالة التونسية للانترنت وهي المؤسسة الرسمية المسؤولة شكليا عن الرقابة، فإنّ الغالب على الظن أنها لم تتحمل يومًا مسؤولية حجب موقع ما، وإنما هي مجرّد غطاء للرقيب الحقيقي . وعلى عكس هذه الممارسة توجد في أغلب البلدان العربية بعض الشفافية في ممارسة الحجب أين توضع على أغلب الصفحات المحجوبة عنوانًا يمكن الاتصال به من أجل تقديم طلب لرفع الحجب". في مقابل ذلك يفسر معز الجماعي، وهو أحد المدونين ومراسل الحوار نت بتونس، أسباب الحجب برفض السلطة للرأي الآخر و خوفها من الإعلام الحر ، ويضيف " ليس لنا أي شك في أنّ السلطات التونسية هي من يقف وراء حجب موقع الحوار نت وكل المواقع المماثلة فبلادنا الوحيدة التي لها فرقة تسمى 'شرطة الإنترنت"
أمّا عن التدوين في تونس فهو ممارسة جديدة نسبيا إذا ما قورن الوضع التونسي بمثيله في عدد من الدول العربية، ويبرز ذلك في قلّة عدد هذه الفضاءات مثلما يرى محمد العيادي أحد المدونين التونسيين و منسق المرصد النقابي، الذي تعرّض للحجب لما يقارب الأسبوع ثمّ أفرج عنه دون تبين سبب المنع أو سبب "العفو"، ويضيف العيادي يبقى عدد المدونات هامشيا مقارنة بعدد السكان، فعلى مدونات مكتوب مثلا توجد أكثر من 600 مدونة بحرينية (عدد سكانها اقل من مليون ساكن ) أما الأردن فلها أكثر من 4000 مدونة ( عدد سكانها اقل من 6 مليون ساكن )أما بالنسبة لتونس فهناك قرابة 500 مدونة على مكتوب وهذا عدد ضئيل جدا مقارنة بعدد السكان وبإمكانات الشعب التونسي. كما تشير بعض الإحصائيات أنّ عدد المدونات التونسية لا تتجاوز 1000 مدونة 75 في المائة من أصحابها من الشباب غير أنّ تلك المحدودية العددية لا ينفي، حسب العيادي، وجود مدونات تونسية جادة قدمت إضافة إلى المشهد الإعلامي التونسي ولعبت بصدق وأمانة دور صحافة المواطنة وانخرطت في أشكال نضالية الكترونية من خلال الأيام التدوينية الجماعية مثل 25 ديسمبر يوم التدوينة البيضاء و 1جويلية يوم التدوين من اجل حرية التعبير ، ويضيف اعتقد أنّ تأثير المدونات مازال في طور جنيني لكنه واعد حيث أن عوامل كثيرة تعمل لصالح ذلك أهمها الانخفاض التدريجي في أسعار الحواسيب وخدمة الانترنت إضافة إلى سهولة استعمال هذه الوسائل وكذلك المصداقية التي اكتسبتها بعض المدونات التونسية حتى على مستوى عالمي ( بعض المجلات العالمية المحترمة نقلت بعض أخبارها عن تونس من مدونات ) على كل قد نصل في مستقبل قريب إلى تأثير كبير للمدونات التونسية على الراي العام الوطني. يُذكر أنّه سبق وتمّت محاكمة بعض المدونين من أجل نشاطهم في العالم الإفتراضي مثلما كان الشأن للشاب المرحوم زهير اليحياوي

المصدر "تونسنيوز 06 -08 -2008 القسم العربي "


هناك تعليق واحد:

Sofiene Chourabi يقول...

اسمه سامي بن غربية وليس معز بن غربية. ثم ماهي علاقة السيد منجي الخضراوي بالحملة ضد الحجب في تونس؟