خميس بن بريّك-تونس
ما يزال الطريق طويلا أمام محاكمة صحيفة الموقف التونسية بعدما أجلت المحكمة -للمرة الثالثة- النظر في قضية رفعتها خمس شركات خاصّة ضدّ مسؤولى هذه الأسبوعية المعارضة.
وأرجئت القضية التي تشنها خمس شركات مختصّة في تصدير الزيت ضدّ مدير الصحيفة أحمد نجيب الشابي ورئيس التحرير رشيد خشانة، إلى جلسة 25 أكتوبر/تشرين الأوّل الجاري.
لكن من الصعب أن يتمكّن خبير الحسابات الذي عيّنته المحكمة من تقدير الخسائر المزعومة لكل شركة قبل انعقاد الجلسة المقبلة، حسب رأي المعارضة التي تعتبر أنّ هذه المحاكمة سياسية بالأساس.
وتنفي الحكومة أن تكون حرّضت الشركات على تحريك القضية ضدّ الصحيفة التي يواجه مسؤولوها خطر تجريدهم من ممتلكاتهم بسبب افتتاحية نشرت يوم 4 أبريل/نيسان الماضي حول مزاعم بتصدير زيت مسمّم إلى الجزائر.
وتدّعي الشركات أن الصحيفة نشرت خبرا زائفا أثر سلبا على مبيعاتها، مطالبة بتغريم أحمد نجيب الشابي ورشيد خشانة بـ250 ألف دينار لكل منهما (194 ألف دولار) جبرا للأضرار المعنوية، في انتظار تقدير الخسائر المادية المزعومة.
رب بالوساطة
ويروي رشيد خشانة للجزيرة نت أنّه تحدّث في إحدى افتتاحياته استنادا إلى صحيفة "الخبر" الجزائرية عن اكتشاف مخابر جزائرية لكميات فاسدة من الزيوت غير المعلبة تروّجها شركات تونسية في الجزائر.
ويضيف أنّه طالب حينها السلطات بفتح تحقيق عمّا وصفه بفضيحة الزيوت الفاسدة، قائلا إنّها كانت تحتوي على نسبة مرتفعة من الرّصاص، وهو ما يمكن أن يشكّل تهديدا صحيّا خطيرا، حسب رأيه.
وأكّد أنّ مضمون الافتتاحية لم يتطرق إلى الحديث عن أيّ شركة تونسية سواء بالإشارة أو التلميح، متهما الحكومة بقيادة حرب قضائية بالوساطة لجرّ الصحيفة إلى روتين قضائي طويل.
ويقول سفيان الشورابي أحد المعارضين إنّ هذه المحاكمة لا ينبغي عزلها عمّا تعاني منه صحف المعارضة من قيود على حرية التعبير، معتبرا أنّ النبرة النقدية الحادة لصحيفة الموقف دفعت بالحكومة إلى محاولة التخلّص منها.
واعتبر رشيد خشانة هذه الدعوى محاولة لخنق الصحيفة ماليا بدافع حجبها بعدما علمت السلطة أنّ قطع الإشهار عنها ومحاصرة مسالك توزيع أعدادها سياسة لم تعد تجدي نفعا.
وكثيرا اشتكت صحيفة الموقف من حرمانها من الإشهار العمومي ومضايقات تتصل بتوزيع أعدادها، ما دفع بمسؤوليها الأولين إلى الإضراب عن الطعام يوم 26 أبريل/نيسان الماضي لمدة أسبوعين تقريبا.
شكيك في المحاكمة
من جهته يقول زعيم الحزب الديمقراطي التقدمي ومدير الصحيفة أحمد نجيب الشابي للجزيرة نت إن النظام التونسي يمارس على صحيفته حربا قضائية منحازة من أجل تجريد رموزها من ممتلكاتهم.
واتهم المحكمة بالانحياز بعد رفضها القيام بالاختبارات اللازمة لمعرفة ما إذا كانت الزيوت الموجودة في السوق مطابقة للمعايير، مذكّرا بأن الحكومة منعت مؤخرا تسويق الزيوت غير المعلبة للحفاظ على صحة المستهلكين.
ويعتبر فريق الدفاع أنه كان من المفروض رفض القضية شكلا لأنها تقوم على حجج قانونية واهية، معربين عن استغرابهم منع المحكمة لهم من المرافعة إلى حين إعداد تقرير حول الخسائر المادية المزعومة للشركات.
قضية مسيسة
وتنفي الحكومة بشكل قاطع أن تكون وراء هذه المحاكمة، متهمة مسؤولي الصحيفة بتسييس القضية والتشكيك في نزاهة القضاء للتهرّب من مسؤولياتهم القانونية تجاه الشركات بعد نشرهم أخبارا كاذبة.
ويقول مصدر رسمي -طلب عدم ذكر اسمه- إن الادعاء طالب بالعمل بأحكام الفصول المتعلقة بنشر أخبار كاذبة طبقا لقانون الصحافة.
ورفض المصدر مزاعم المعارضة بمحاولة خنق الصحيفة مادياّ أو ممارسة قيود على صحف المعارضة، مذكّرا بأن أحزاب المعارضة في تونس تتمتع بعناوينها وتنشر مقالات نقدية دون رقابة مسبقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق