الجمعة، 21 نوفمبر 2008

قوة المدونات في العالم العربي

قوة المدونات في العالم العربي

"إن المدونات تلعب دوراً أعظم أهمية في العالم العربي مقارنة بالدور الذي تلعبه في الغرب، وذلك بسبب غياب الصحافة الحرة في الشرق الأوسط والمغرب العربي". هكذا يقول ميشيل توما رئيس تحرير لوريان لو جور (L'Orient-Le Jour) موضحاً أن المدونات في العالم العربي تستمتع بقدر أعظم من الحرية مقارنة بما تتمتع به الصحف من حرية.

أجرى اللقاء باتريشيا خضر

شبكة الصحافة العربية: ما مدى أهمية المدونات في العالم العربي؟
ميشيل توما: لا شك أن المدونات في العالم العربي تلعب دوراً أعظم مما تلعبه في الغرب. والسبب واضح وراء هذا: فالصحف الحرة قليلة في العالم العربي، إن وجدت (مع بعض الاستثناءات البارزة). لذلك يلجأ الناس إلى المدونات. ورغم خضوع الإنترنت للرقابة في بعض البلدان العربية، وحجب أو مراقبة بعض المواقع في العديد من البلدان العربية، فما زال بوسع الصحفيين والمفكرين الذين يتمكنون من إنشاء مدونات لهم من الاستمتاع بهامش من الحرية أعرض كثيراً من المسموح به لوسائل الإعلام التقليدية. وتعوض المدونات عن هذا النوع من الافتقار إلى حرية التعبير من خلال العمل كمنتدى غير محدود، ولا مثيل له في وسائل الإعلام العادية أو التقليدية.

شبكة الصحافة العربية: هل تتنافس هذه المدونات مع الصحافة المطبوعة أم تعمل كمكمل لها؟
ميشيل توما: إنها تعمل كعنصر مكمل للصحافة. فالمدونات لا تستطيع أن تتنافس مع الصحافة المطبوعة لأن لا شيء قد يحل محلها من حيث الخبرة في بعض المجالات المعينة، ومن حيث قدرتها على تغطية بعض القضايا. فضلاً عن ذلك فإن الصحيفة تشكل وسيلة بصرية كاملة لقضية ما. أما المدونات فهي محدودة بشاشة واحدة. فإن كنت تقرأ من مدونة ما عن موضوع بعينه على سبيل المثال، فلابد وأن تمر إلى أسفل الصفحة إلى الأقسام المختلفة من النص، وهو ما لا يوفر لك نظرة شاملة، ولا يستطيع مخ المرء أن يتذكر كل ما شاهده. أما الصحيفة أو المجلة فهي توفر لك هذه النظرة الشاملة.

شبكة الصحافة العربية: كيف تكمل كل من الوسيلتين الأخرى؟
ميشيل توما: إننا نعيش في العالم العربي. والمدونات تشكل وسيلة للتعبير لا توفرها الصحافة المطبوعة في البلدان العربية في كثير من الأحيان. فضلاً عن ذلك فإن المدونات توفر إمكانية الربط بمصادر أخرى للمعلومات، وهو ما لا يمكنك أن تحصل عليه بقراءة الصحف. بعبارة أخرى، إذا قدمت الصحيفة تقريراً عن قضية معينة، فإن هذا التقرير يكون جامداً وليس تفاعلياً، في حين أن المدونة قد تعرض على القارئ روابط إلى مواقع أخرى تتعامل مع نفس الموضوع، وهو ما يساعد في فتح نطاق كامل من الفرص للحصول على المعلومات التي لا توفرها الصحافة المطبوعة. وعلى هذا فإن الصحافة المطبوعة توفر ميزة كونها معيناً بصرياً يتيح للقارئ رؤية كاملة وشاملة لقضية ما، بينما تتمتع المدونات بمزايا أخرى رغم افتقارها إلى هذه الميزة، فهي تمكنك من الوصول إلى مصادر أخرى للمعلومات.

شبكة الصحافة العربية: هل تعتقد أن المدونين صحفيون؟
ميشيل توما: من الممكن أن نعتبرهم صحفيين. بالتأكيد، ليس كل المدونين صحفيين. ولكن المدون الذي يحترم عمله يستطيع أن يزاول عمله كصحفي. إن عمل الصحفي يتلخص في السعي إلى الحصول على المعلومات ثم تقديمها إلى القارئ بطريقة واضحة ومباشرة ومفهومة. ويستطيع المدون أن يقوم بنفس المهمة. وليس هناك من الأسباب ما قد يمنع المدون من الخروج إلى الميدان والبحث في الموضوع الذي يريد الكتابة عنه، والذهاب إلى المحفوظات، ثم تقديم نتائج عمله كما يفعل الصحفي. أما إذا اكتفى المدون بمجرد عرض رأيه أو تناوله لموقف ما فلا نستطيع أن نعتبره صحفياً. وهذا يعني أن المدون يستطيع أن يكون صحفياً إذا ما أراد، وإذا ما بذل الجهد اللازم لذلك.

شبكة الصحافة العربية: ما مدى أهمية القصة الإخبارية أو المقالة أو حتى السبق المنشور على مدونة ما؟
ميشيل توما: إن قيمة المدونة باعتبارها وسيلة لنقل المعلومات تكمن في قدرتها على الوصول إلى مجموعة من القراء أعرض كثيراً مقارنة بقراء وسائل الإعلام المطبوعة، ونستثني من هذا بطبيعة الحال مواقع الصحف على شبكة الإنترنت. إن الصحيفة في هيئتها المطبوعة محدودة التوزيع، بينما نستطيع أن نقول من الناحية النظرية إن قراء المدونات لا حد لعددهم. والآن إذا ما قارنا بين موقع لصحيفة على شبكة الإنترنت وبين المدونة فإن عدد القراء يتماثل. أما إذا قارنا بين المدونة وبين الصحيفة المطبوعة من حيث حرية المعلومات، فإن الأمر يعتمد على ظروف كل حالة على حِدة. إن الاختلاف بين موقع لصحيفة على شبكة الإنترنت وبين المدونة فيما يتصل بحرية التعبير هو أن موقع الصحيفة مملوك للصحيفة، وعلى هذا فهو خاضع لقمع السلطات في أي بلد بعينه. بيد أن المدونين لا يستشعرون هذا النوع من القمع بنفس الحِدة، ورغم ذلك فلدينا بعض الأمثلة من سوريا ومصر، حيث ألقت السلطات بالمدونين إلى السجون. وفي بعض البلدان تكون المدونات ذاتها هدفاً للقمع بصورة خاصة. أما في لبنان فهذه ليست الحال. إذ أن قانون الصحافة هناك لا ينطبق على المدونات. وهي في لبنان غير محكومة بأي قانون. وعموماً فإن المدونات تتمتع بقدر أعظم من الحرية مقارنة بوسائل الإعلام المطبوعة.

شبكة الصحافة العربية: ما مدى جدارة المدونات بالثقة كمصدر للمعلومات في العالم العربي؟
ميشيل توما: إنها مسألة نسبية للغاية. فالمدونات لا تتسم بطابع مؤسسي، ولا يحكمها أي تشريع. وعلى هذا فلا توجد ضمانات. حيث يستطيع أي شخص أن ينشئ مدونة خاصة به. وعلى هذا فإن المصداقية هنا تصبح أكثر نسبية. إن أي صحيفة أو مجلة قد تكون حريصة على احترام صورتها واسمها أمام الناس، بينما يستطيع المدون أن يطلق العنان لخياله وأوهامه.

شبكة الصحافة العربية: ما الذي يجعل صحيفة كصحيفة لوريان لو جور تنشئ مدونة خاصة بها؟
ميشيل توما: جاءت مدونة صحيفة لوريان لو جور كنتيجة لحضور أحد صحفيينا لحلقة دراسية حيث كان على المشاركين أن ينشئوا مدونة كمشروع ختامي للحلقة الدراسية. لقد ولِدَت هذه المدونة كنتيجة لالتقاء عوامل عدة وليس باعتبارها جزءاً من قرار استراتيجي واضح. وعلى هذا فهو ليس قراراً تجارياً.

شبكة الصحافة العربية: ما هو الفرق بين النسخة المنشورة على شبكة الإنترنت من صحيفة لوريان لو جور وبين المدونة التي أنشأتها الصحيفة، خاصة وأن النسخة المنشورة على شبكة الإنترنت تفاعلية، حيث يتمكن القارئ من الرد على المقالات؟
ميشيل توما: جاء موقع الصحيفة على الإنترنت نتيجة لجهود فريق كامل من الصحيفة، بينما جاءت المدونة كنتيجة لعمل شخص واحد أو شخصين.

(المصدر: موقع الشبكة الصحافة العربية بتاريخ 18 نوفمبر 2008)
الرابط:
http://www.arabpressnetwork.org/articlesv2.php?id=2736&lang=ar

ليست هناك تعليقات: